الشوري إحدي مبادئه ..صلي الله عليه وسلم

من أجمل الصفات الإنسانية التي ميزت رسولنا الكريم صلي الله عليه وسلم بل وتعلمها أصحابه من بعده وعلي عصره‏ صفة الشوري ومنهجه صلي اللهى عليه وسلم تلك الصفة التي بقيت مشرقة في سيرته‏,‏ عبر الأزمنة والأمكنة‏,‏ لتكون علامة مضيئة علي ديمقراطية الاسلام ووسطية الرسالة والرسول ، ومنهج الإخاء الانساني الذي لخصه الرسول القائد في عبارة صغيرة‏:‏ كونوا عباد الله إخوانا‏.‏
وفوق أن الشوري كانت فطرة فيه‏..‏ فقد جاءت أمرا قرآنيا له صلي الله عليه وسلم‏:‏ وشاورهم في الأمر ونفذ صلي الله عليه وسلم أمر ربه الذي اتفق مع فطرته التي فطره الله عليها‏,‏ وكفل لكل فرد حرية الرأي ما لم يعارض أصلا من اصول الشريعة والعقيدة‏..‏ وتجلي الرأي والرأي الآخر في علاقة الرسول بأصحابه وفي كل ما يتعلق بشئون المجتمع والأمة‏..‏ لدرجة ان المسلمين في عهد النبي والخلفاء الراشدين كانوا مطمئنين إلي حرية آرائهم وأنهم يصدرون في هذه الآراء عن حق وعدل وعن اقتناع بالشوري‏,‏ كمبدأ إسلامي‏,‏ يحتكمون إليه فيما يتعلق بدينهم وشئون دنياهم‏,‏ وما كان ذلك إلا لأنهم عاشوا مسيرة نبيهم عليه الصلاة والسلام سلوكا وقدوة‏,‏ قولا وعملا‏..‏ أليس هو القائل‏:‏
لن يهلك امرؤ بعد مشورة‏.‏ ما تشاور قوم قط إلا هدوا لأرشد أمرهم استعينوا علي أموركم بالمشاورة‏,‏ المستشار مؤتمن‏,‏ إذا استشير فليشر بما هو صانع لنفسه‏.‏ ما استغني مستبد برأيه‏,‏ وما هلك أحد عن مشورة‏.‏ وقد سئل صلي الله عليه وسلم عن الحزم فقال‏:‏ أن تسترشد‏.‏ وكان الصحابة رضوان الله عليهم يرجعون النبي في الرأي قائلين له‏:‏ هل هذا شيء قلته من عندك يارسول الله‏,‏ أو نزل به وحي؟ فإن قال هو من عندي‏,‏ جاءوا بما عندهم من الرأي والمشورة‏,‏
علي أن الشوري من اهم المباديء الدستورية التي عني بها الاسلام وطبقها المسلمون في عهد النبي وما تبعه من عهود الخلفاء الراشدين‏,‏ انطلاقا من أن أي قرار رشيد لابد ان يقوم علي المناقشة والحوار وتبادل الآراء‏,‏ لهذا اشتمل القرآن الكريم علي سورة كاملة باسم الشوري وسميت بذلك‏,‏ كما يقول المفسرون‏,‏ لأنها السورة الوحيدة التي جعلت من مبدأ الشوري سمة من سمات الشخصية المؤمنة بحق وعدل‏.,‏ وقد ذكرها سبحانه حسب جريدة " الأهرام " عقب الصلاة وقبل الزكاة‏,‏ وهما فريضتان مقدستان‏,‏ مما يعبر عن مكانة وأهمية الشوري كقاعدة للحكم بما أنزل الله والمشاركة فيه‏,‏ وفي سورة آل عمران يخاطب الله رسوله :‏ " ( فَبِمَا رَحْمَةٍ مِّنَ اللَّهِ لِنتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنتَ فَظاًّ غَلِيظَ القَلْبِ لانفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ المُتَوَكِّلِينَ (159 ) ، هنا يأمر الله رسوله ان يستشير المسلمين بعد ان وصفه باللين والرحمة والتواضع وطيب العشرة وهي من سمات الانسانية في شخصيته‏,‏ ونعم أنعم الله بها عليه‏,‏ كما نفي عنه الغلظة والقسوة والاستبداد والغطرسة‏,‏ وهي رذائل برأه الله منها‏,‏ ولو كان صلي الله عليه وسلم علي شيء منها لنفر منه المسلمون وانفضوا من حوله‏.‏




منقول للافادة